بسم الله الرحمن الرحيم
أمة الإسلام : مشكلة ومعضلة ، لزمت الكثير من الناس ، وهم عنها في غفلة ، تجر التبعات ، وتعقب اللوعات ، إنها مشكلة الدين ، الدين يوقع في كبائر الذنوب ، ويجر كثيراً من الخطوب ، كذب وتملق ، وهروب وتحملق ، فاتق الله – أيها المديون – وأد ما في ذمتك من مال ، ولو كان أقل من ريال ، واعلم أن ميزان الله – عز وجل – يحصي مثاقيل الذر ، ولا تظلم نفس شيئاً ، وليس ثمة دينار ولا درهم ، إنما هي الحسنات والسيئات ، ثم اعلم أيها المديون ، أن حقوق الآدميين لا تسقط بالتوبة فقط ، بل لابد من ردها إلى أهلها ، واعلم أنك مسؤول عن صغيرها وكبيرها ، وقليلها وكثيرها، وبعض الناس يتقال الذي في ذمته ، ثم لا يؤديه ، ولا يستسمح صاحبه ، ثم اعلم أن الحاجات ، لا يقضيها إلا فاطر الأرض والسموات ، فتعلق برب البريات ، عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ : " جاءَتْ فاطِمَةُ إِلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْألُهُ خَادِماً فقالَ لهَا : قُولِي : " اللّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ ، مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ وَالقُرْآنِ ، فالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ ، أَنْتَ الأوّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الظّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ ، وأَنْتَ الباطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيءٌ ، اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ ، وَأغْنِني مِنَ الفَقْرِ " [ أخرجه أحمد وأبو داود وهو عند مسلم وقال الترمذي : حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيحٌ ] .
أيها المسلمون : إن كثيراً من الناس عظم بطنه ، ونبت لحمه ، وقوي عظمه ، بمال غيره ، أكله بالباطل ، إن استدان ديناً جحده ، وإن استقرض قرضاً تظاهر أنه نسيه ، فسبحان الله ! كيف يهنأ بالطعام والشراب والمنام ، من هذا حاله ، وذاك مثاله ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه " [ أخرجه مسلم ] ، وقرر أهل العلم قاعدتهم المشهورة : " حقوق العباد مبنية على التضييق والمشاحة ، وحقوق الله مبنية على التيسير والمسامحة " ، وإلى جانبٍ من جوانب تعظيم حقوق العباد ، ينبّه إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول : " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسٍ منه " [ أخرجه ابن حبان والحاكم في صحيحيهما ، وصحح سنده الألباني في الإرواء 5/280 ] ، ويؤكد صلى الله عليه وسلم أيضاً هذا المعنى بقوله الجامع : " فعلى اليد ما أخذت حتى تؤديه " [ صححه الحاكم ] ، ولو تأمل المديون ذلك ، لسارع إلى سداد ما عليه من الديون ، لأنه يتمتع بمال ليس له ، عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : " مَن كانت عندهُ مَظلمةٌ لأخيهِ مِن عِرضِه أو شيءٍ ، فليَتحلَّلْهُ منهُ اليومَ ، قبلَ أن لا يكونَ دينارٌ ولا دِرهمٌ ، إن كانَ لهُ عملٌ صالِحٌ أُخِذَ منهُ بقدْرِ مَظلمتِه ، وإن لم تكنْ لهُ حَسناتٌ ، أُخِذَ من سيِّئات صاحبِه فحُمِلَ عليه " [ أخرجه البخاري ] ، يا له من وعيد شديد ، وتهديد أكيد ، لمن أكل أموال الناس واحتال ، واستدان بقصد عدم القضاء ، وأضمر عدم رد الأفضال ، فأين له راحة البال ، بل أمره في سفال ، وعاقبته إلى وبال ، يقول الكبير المتعال : { يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَـٰطِلِ . . إلى قوله : { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً } .
أمة الإسلام : إن الإسلام حذر كل الحذر من التهاون في أداء الدين ، أو المطل والتأخير في قضائه ، أو التساهل وعدم الاكتراث في أدائه ، وتوعد على ذلك بعقوبة مهلكة ، ونهاية مؤلمة ، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال : " إنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ الله أنْ يَلْقَاهُ بِهَا عَبْدٌ بَعْدَ الْكَبَائِرِ الَّتِي نَهَى الله عَنْهَا ، أنْ يَمُوتَ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لاَ يَدَعُ لَهُ قَضَاءٌ " [ أخرجه أبو داود وغيره وصححه الحاكم ] ، فأد الأمانة إلى أهلها ، وتذكر حسرتها وعقوبتها ، فاله بذلك يأمرك ، والشرع منه يحذرك ، يقول ربك وخالقك : { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً } ، ثم اعلموا أيها الناس ، أن من استدان ، وفي نيته الخالصة ، ونفسه الصادقة ، الوفاء بدينه ، فهذا معان على أداء دينه حين حصوله ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم : " إنَّ اللَّهَ مَعَ الدَّائِنِ حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَهُ ، مَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا يَكْرَهُهُ اللَّه " [ أخرجه ابن ماجة والحاكم ، وحسَّن إسناده ابن حجر في الفتح ] ، فمن أصابته الحاجة ، ونزلت به الفاقة ، فليلحقها بالله تعالى ، ويتجه لباب ربه ، فالله يسمع الدعوى ، ويعلم النجوى ، ويقضي الشكوى ، قال تعالى : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } ، فاحذروا الدين وخطورته ، والسلف وعقوبته ، فربما استدان ومات فيحبس عن دخول الجنة ، ويأتيه شعور الغم والهم تحت التراب ، والوحدة والوحشة والعذاب ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " صَاحِبُ الدَّيْنِ مَأْسُورٌ بِدينِهِ ، يَشْكُو إلَى اللَّهِ الْوَحْدَةَ " [ أخرجه الطبراني في الأوسط ] .
إخوة الإيمان : لما كان الدين بهذه المثابة من الخطورة ، أنزل الله تعالى آية في كتابه تبين أهميته ، وشديد محاسبته ، فقد أمر بمكاتبته ، فقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً } ، ثم أمر سبحانه بالشهادة على الدين فقال : { وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى } ، ومنع اعتذار الشهداء ، إذا علموا قدر الدين ، ووقت الوفاء ، فقال تعالى : { وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ } ، وبين الله عز وجل أن كتابة الدين ، والإشهاد عليه من القسط والمعروف ، ومن العدل وعدم الظلم ، فالنسيان مع عدم الكتابة وارد ، لاسيما إن كان الذهن عنه شارد ، فربما وقع الناس في الخلاف ، وعدم الائتلاف ، فقال سبحانه : { ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ } ، وبين الله عز وجل لعباده أن البيع يداً بيد ، مع عدم الدين ، لا يُحتاج معه للكتابة أو الإشهاد ، فيقول رب العباد : { إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا } ، ثم أمر الله تعالى بالإشهاد على البيع ، فقال سبحانه : { وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ } ، ثم نُسخ هذا الأمر ، مع الأمانة وعدم الغدر ، فقال الواحد الوتر : { فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ } ، وحذر المولى جل وعلا عباده من الإضرار في الشهادة أو كتمانها ، أو كتابة الدين زائداً أو ناقصاً ، وتوعد على ذلك وعيداً شديداً ، وحذر منه تحذيراً بليغاً ، فقال قولاً حكيماً : { وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } ، وقال سبحانه وتعالى : { وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } ، أقول ما قلت وسمعتم ، فما كان من حق وصواب ، فالحمد لله الواحد التواب ، وما كان من خطأ غير مقصود ، فأستغفر الله المعبود ، فهو الغفور الودود ، واستغفروا الله ، استغفروا الله ذو الكرم والجود .
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له ، تعظيماً لشأنه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلوات ربي وسلامه عليه ، وعلى أصحابه وإخوانه . . وبعد :
أمة الإسلام : يقول الله تعالى : { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍۚ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ، قال القرطبي رحمه الله : " ندب الله تعالىٰ بهذه الألفاظ إلى الصدقة على المعُسِر وجعل ذلك خيراً من إنْظاره وانتظار سداده " ، فالتيسير على المعسرين فضله كبير ، وأجره عظيم ، ولهذا كان من أعظم أنواع التيسير على الناس ، أن تتنازل عن دينك كاملاً ، أو تضع منه جزءاً عاجلاً ، ترجوا خيره آجلاً ، ترجوا بركته ، وتروم معونته ، قال تعالى : { وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ } ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : " . . . وَمَنْ يَسَّرَ عَلَىٰ مُعْسِرٍ ، يَسَّرَ اللّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ . . . " [ أخرجه مسلم ] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أنظر معسراً ، أو وضع عنه ، أظله الله في ظله ، يوم لا ظل إلا ظله " [ أخرجه مسلم ] .
أيها المسلمون : من أعظم البر بالآباء والأمهات بعد موتهم ، وفي حياتهم ، أن يُسارع الأبناء إلى سداد ديونهم ، وقضاء حوائجهم ، لاسيما إن كانا فقيرين ، لا يستطيعان القضاء والوفاء ، فواجب على الأبناء ، المسارعة في القضاء ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَىٰ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يٰا رَسُولَ اللّهِ ! إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا ؟ فَقَالَ : " أرأيت لَوْ كَانَ عَلَىٰ أُمِّكَ دَيْنٌ ، أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا ؟ " قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : " فَدَيْنُ اللّهُ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَىٰ " [ متفق عليه ] ، فما أعظم حق الوالدين ، وتالله مهما فعل الأبناء لن يوفوا أهليهم حقهم ، ولكنه السداد والمقاربة ، قال تعالى : { وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } ، هذه هي نظرة الإسلام للوالدين ، نظرة شمولية من كل نواحي الحياة ، فيجب برهما ولوكانا كافرين ، فيُطاعان في طاعة الله ، ويعصيان في معصيته ، قال تعالى : { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ، ولا تطيعوا في معصيتهما ، وترك سداد ديونهما ، زوجة ولا قريب ولا بعيد ، بل الواجب على الأبناء المسارعة في السداد ، حتى يشعر الوالدان بالراحة والطمأنينة في قبريهما ، وهذا شيء من رد الواجب والجميل ، قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى اله عليه وسلم : " لاَ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِده إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكاً فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ " [ أخرجه مسلم ] .
أيها المديون : تذكر أنك في كرب وهم ، وحزن وغم ، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يزيل الهم ، ويُذهب الغم ، في أحاديث متضافرة ، وكلمات متوافرة ، فعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم : " أَلاَ أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِيهِنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ ، أَوْ فِي الْكَرْبِ : اللَّهُ اللَّهُ رَبِّي لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً " [ أخرجه أبو داود واللفظ له ، والنسائي ، وابن ماجة ، وصححه الألباني في الصحيحة برقم 2755 ] ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ : " لاَ إلهَ إلاَّ اللَّهُ الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ ، لاَ إلهَ إلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، لاَ إلهَ إلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ " [ أخرجه البخاري ومسلم ] ، هذا وصلوا وسلموا على خير المعظمين ، نبي الثقلين ، إمام المتقين ، أفضل النبيين ، وآخر المرسلين ، سيد الأولين ، وفخر الآخرين ، فقد أمركم بذلك الحق المبين ، فقال القوي المتين ، في التبيان والتبيين : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } ،