--------------------------------------------------------------------------------
عبـــــــــدة الشيطان
لم يكن ليخطر في بال أحد في عهد الأخيار من التابعين أن معنى عبادة الشيطان سيتحول من مفهوم انصياع الإنسان وراء شهواته و المعاصى ليتحول هذا المفهوم بالفعل إلى عبادة حقيقية و سجود حقيقي لذات إبليس الشيطان
جماعة عبدت الشيطان و مجدته في الوعي و اللا وعي تماما كما الماسونية غير أن عبدة الشيطان يعلنونها عبادة صريحة عن طريق أغان هستيرية و التي تسمى بموسيقى البلاك ميتال و الهافي ميتال و الديث ميتال و معناها باللغة العربية على الترتيب المعدن الأسود ، المعدن الثقيل و معدن الموت !
يصل الأمر في بعض كلمات هذه الأغاني و تصويرها إلى الإستهزاء بالإله الخالق و تمجيد الشيطان و مناجاته ، فرقة تكفر بجميع الأديان و المعتقدات و تمجد السحر و تنتشر في صفوفها أنواع المخدرات و الخمور !
لدى اطلاعي على أسس هذه الفرقة تفاجأت أن لها علماء نفس متخصصون و شعراء و ملحنون يضعون الموسيقى و الكلمات و يشجعون على سماعها ، لإيصال رسائل يتقبلها العقل الباطن للمستمع حتى و إن كان جاهلا باللغة التي تغنى بها الأغنية ، حيث تسجل رسائل خفية بطريقة معكوسة بحيث يتلقاها وعي المستمع إذا تلقى الأسطوانة بطريقة عكسية ، و عندئذ تستقبل الرسالة من طرف العقل الباطن ، رسالة لا تستوعبها الحواس الخارجية للإنسان ! ففي أغنية لفرقة مشهورة في مقطعها الثالت ، تسمع بوضوح حين إدارة الإسطوانة إلى الخلف رسالة تقول : يجب أن أعيش للشيطان
كما و يعمل مغنوا هذه الفرق إلى اختيار أسماء لإيصال إيحاءاتهم للمتلقى تهدف في معظمها إلى إنكار قدرة الله تعالى و تمجيد إبليس الشيطان !
في مقابلة مع علماء نفس ألمان في تقرير صحفي قامت به إحدى الإذاعات الألمانية ، يرى هؤلاء أن هذه الإيحاءات تصل إلى لا وعي المستمع ، حتى و إن كان المتلقى لا يتقل اللغة التي تغنى بها الأغنية ، فإنه قادر على فك رموزها مما يؤثر سلبا على تصرفاته التي تصبح أكثر وحشية و عدوانية ، أما من الناحية الإجتماعية فالمهم لأتباع هذه الفرق و المتبنين لهذا الفكر هو نسف القيم و المقاييس و إزالة العوائق و الضغوطات العائلية و الدينية و الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية
من الناحية الجسدية فلهذه الموسيقى تأثير على حاسة السمع و البصر و الإدراك و تصيب القلب بالخفقان الزائد و تؤثر على عملية التنفس و تسبب إفرازات هرمونية مكثفة مما يؤدي إلى انقباض في الحنجرة ، و يصف أحد الأطباء النفسانيين هذه الحالة قائلا : إن موسيقى الهارد روك تلعب على الجسد و كأن آلة موسيقية تماما كما يحدث أثناء تناول المخدرات ، فالأجهزة المستعملة و المكبرة للصوت تصيب آذان الشباب و التأثيرات الضوئية توثر سلبيا على النظر.
أما من الناحية النفسية فإلى جانب العصبية و العنف و الغضب و عدم التركيز و الوصول إلى حالة من الهيستيريا و الإنهيار النفسي فإن موسيقى البلاك ميتال تنشئ في نفس المستمع ميلا نحو الإنتحار و تشويه الذات و تدمير النفس و التحريض على التدمير و التخريب و الهيجان!
أشهر شخصيات الفكر الشيطاني و عبدة الشيطان
يعتبر الإنجليزي كراولي (1875 - 1947) الأب الروحي لعباد الشيطان ، ولد في أسرة كاثوليكية متدينة ، رفض في عمر مبكر ديانة والديه و تمرد بشكل واضح منذ صغره على النصرانية و فعل أفعالا تسيء لها، تخرج من جامعة كامريدج ببريطانيا. اهتم في البداية بالعبادات و الظواهر الغريبة و دافع عن الإثارة و الشهوات الجنسية ليشترك في جماعة انجليزية تسمى بجماعة العهد الذهبي و هي جماعة منغلقة على نفسها تشجع عبادة الشيطان بشكل خفي حيث أصبح يعرف باسم : الأخ بيردورابو .
وجد ضالته في هذه الجماعة و كون صداقات كثيرة مع منظريها و مع الكثير من الشعراء في عصره ، ساعده في ذلك ميوله الأدبي و عشقه للشعر خاصة الذي يتكلم عن ذات الشيطان و الجن و السحر الأسود ـ تعرف أيضا على شخص يدعى ألان بانيت ، كون معه علاقة شاذه و عاشا معا في منزل واحد ، هذا الأخير كان مدمنا للمخدرات مما ساعد كراولي و شجعه على الإنغماس فيها و إدمانها ، ساعده ذلك أيضا على تسهيل الإتصال الجسدي في علاقاته الشاذه
في عام 1900 ترك كراولي جماعة العهد الذهبي ، و أوجد نظاما خاصا به سماه النجم الفضي و سافر عبر العالم ، حيث عاش لسنوات طويلة في صقلية مع عدد من أتباعه و اشتهر بتعاطيه و ترويجه للمخدرات خاصة منها : الأبيوم و تقديم الذبائح و الأضاحي للشيطان ، مما جعل السلطات الإيطالية تطرده من البلاد فذهب إلى جزيرة سيلان حيث التقى مجددا بالرجل الذي عرفه و الذي ارتبط معه في علاقة شاذه
ألف كتابا اسمه الشيطان الأبيض
عبر سنوات عيشه مجد الشيطان و أطلق على نفسه اسم الحارس الأعلى للشيطان ، و خليفة الشيطان البطل ، عاش مسافرا من بلد إلى آخر يبحث عن لذاته الجسدية مع النساء و الرجال، و يدعو إلى الحشية و الشيطانية ، سافر إلى صحراء الجزائر للقاء روح الشيطان هناك كما يزعم، و في آخر حياته أصبح يعتقد أنه مصاص الدماء فعلا و راح يحقن نفسه بالهيروين، حتى وجد في النهاية ميتا بين زجاجات الخمر و حقن المخدرات
الرجل الثاني في جماعة عبدة الشيطان
رجل يدعى أنطوان ليفي و هو من أصل يهودي أمريكي الجنسية ولد في شيكاغو في 11 أبريل عام 1933 و توفي في 29 أكتوبر 1997 بمدينة سان فرانسيسكو ، كان يعلم هذا الرجل جزئيا أنه بإنشائه لأول كنيسة في العالم لعبادة الشيطان و التي أنشأها في 30 من أبريل عام 1966 و أطلق عليها اسم كنيس الشيطان، كان يعلم أنه سيصبح محط اهتمام و أنظار العالم !
بالنسبة له ، لا يعتبر إبليس فقط ذاتا مادية روحية تعبد بل يتعداه ذلك إلى كونه رمزا أدبيا للقيم الإنسانية في العالم
تزعم ليفي هذه العبادة بعد وفاة كراولي ، و يدعي ليفي أن الله عز و جل ظلم إبليس ، أنكر كما أنكر سالفه جميع الأديان و المعتقدات و عبد الشيطان حتى النخاع و دعا إليه ، و كانت أهم معالم الكنيس الذي أنشأه هي تمجيد الشيطان و الإستمتاع بكل ما حرمته الأديان و الإستعانة بالسحر و السحرة !
و منذ تلك الفترة استخدم ليفي و أتباعه موسيقى البلاك ميتال ، موسيقى عنيفة جدا تصاحبها رقصات هستيرية عنيفة ، و كما كان متوقعا ، خرجت دعوة ليفي إلى خارج أمريكا ووجدت أصداء كبيرة في العالم الأوريوبي و القارة الأمريكية ، كونها تدعو إلى الإباحية المطلقة و التمرد على قوانين الأديان و قيودها بزعمهم !
ألف ليفي العديد من الكتب التي تناولت هذه العبادة و دعت إليها ، من أهمها كتاب الإنجيل الشيطاني الذي ترجم إلى العديد من لغات العالم ، و يلقى إلى الآن انتشارا كبيرا بين الشباب في مختلف دول العالم ، يحمل هذا الكتاب أهم معالم العبادة الشيطانية و قدسية إبليس على الأرض بزعمهم .
أراد ليفي بهذا الكتاب تحدي المجتمع الديني الكنيسي النصراني و ترسيخ عبادة الشيطان عبر المادية و الإنحلال الخلقي و الإباحية المطلقة و التي تؤدي بالتالي على حسب اعتقاده إلى تكريم الشيطان و إرضائه ، و يقول ليفي أن كتاب الإنجيل الشيطاني لا يمثل للعابد الشيطاني كل الحقيقة ، بل هو تمهيد لعبادة الشيطان المهندس الأعظم لهذا الكون ، هو أيضا تمرد شامل على جميع الأديان ، و هو طريقة لإرضاء الذت و من ثم إرضاء الشيطان
يقول ليفي في إحدى فقراته ما نصه :
إنه بزوغ عهد جديد ، عهد يحتفل بقوة الجسد و لا يحتقره و لا يكبته ، إنه ميلاد معبد الشيطان
من مؤلفاته أيضا كتب : الشيطانية ، و كتاب الطقوس الشيطانية ، كتاب الساحر الشيطاني ، و كتاب مذكرة الشيطان.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن و بشدة هو :
هل يتوجب علينا إظهار كل هذا الخوف من ديانة ، -إذا صح لنا أن نسميها كذلك- شابة لا يتعدى عمرها سنين قليلة و التي تتمثل في عبادة الشيطان ؟
الجواب : نعم فما خفي كان أعظم