لا شك أن الحب هو أمتع وأرق المشاعر التي تصيب الإنسان، وأنه أكثر التجارب التي تؤثر في نفسه تأثيراً عذبا لا يبرحها مدى الحياة، حتى وإن كان مؤلماً فهو الألم اللذيذ على حد قول الكثيرين ممن وصفوه.
وفي سماء العلم حلق الحب كثيراً في سماء المحبين والشعراء، وشغل حيزاً كبيراً من تفكير العلماء محاولين إيجاد تفسير لآليته، والتغيرات الفسيولوجية التي تطرأ على الإنسان عند الوقوع فيه، مقدمين كثيراً من الدراسات الطريفة والمثيرة للجدل أيضاً.
وقد اختلف العلماء في تحديد العمر الافتراضي لتلك اللوثة التي عادة ما يشفى منها الإنسان بعد عدة سنوات.
ومن الحقائق التي يبرزها العلم حول الحب أيضاً أن الوقوع في الحب يسبب تغيرات في لدى الرجل والمرأة، فالأشخاص الذين يعيشون حالة حب يكونون أكثر توتراً من غيرهم.
وقد توصل العلماء الاستراليون إلى “ما يحتاج اليه الزوجان لكي يبقيا معاً إلى الأبد ؟” ولكن اتضح أن الأمر يتعلق بأشياء كثيرة غير الحب.
وخلصت دراسة اجراها باحثون من الجامعة الوطنية الاسترالية، إلى أن عمر الزوجين وعلاقاتهما السابقة وحتى إذا كانا يدخنان أم لا جميعها عوامل تؤثر على استمرار زيجتهما.
وتتبعت الدراسة التي حملت عنوان “ما الذي يفعله الحب ؟” أحوال نحو 2500 من الأزواج الذين يربط بينهم رباط الزواج في الفترة من العام 2001 إلى 2007 للتعرف على العوامل المرتبطة بهؤلاء الذين استمروا معاً مقارنة مع هؤلاء الذين طلقوا أو انفصلوا.
ووجدت الدراسة أن الزوج الذي يكبر زوجته بتسع سنوات أو أكثر يزيد احتمال انفصاله عن زوجته إلى المثلين وكذلك الأزواج الذين اقترنوا بزوجاتهم قبل بلوغ سن الخامسة والعشرين، مؤكدة أن الأطفال أيضاً يؤثرون على طول عمر الزواج أو العلاقة بين الرجل والمرأة،
وتوصلت الدراسة إلى أن النساء اللاتي لديهن شغف أكبر من شريك حياتهن لإنجاب الأطفال يزيد احتمال طلاقهن، ومن بين العوامل التي وجد إنها لا تؤثر بشكل كبير على احتمال انفصال الأزواج كانت عدد وعمر الأطفال الذين ولدوا بعد الزواج والوضع الوظيفي للزوجة وعدد سنوات عمل الزوجين.
هل تختلف مشاعر الحب بعد الزواج ؟
جاءت دراسة أمريكية حديثة صادرة عن جامعة ميامي لتؤكد أن الشعور بالحب يساعد علي إفراز مادة “الدوبامين” داخل المخ التي تعطي الإحساس باللهفة والرغبة، وكذلك أعراض القلق التي قد تصاحب الحب مثل خفقان القلب وجفاف الحلق ورعشة اليدين، لكنهم وجدوا أن بعد الارتباط والزواج يفرز المخ مادة أخري هي “الأوكسيتوسين” التي تعطي الإحساس بالأمان والراحة والألفة، لذلك نجد شعور الطرفين نحو بعضهما بعد الزواج قد اختلف عن فترة الخطبة، وبالتالي فالتضحية لا ترتبط بفترة دون أخري.
وإنما ترتبط برغبة في إنجاح الأسرة وتحقيق الأهداف المشتركة، كذلك فإن القدرة علي التضحية تختلف من شخص لآخر، فهناك رجال كثيرون يقدمون علي التضحية مثل النساء تماماًًً، في حين أن بعض السيدات يكن أقل تنازلا من أزواجهن.
ومن جانبه، أوضح الدكتور طارق عكاشة أستاذ الطب النفسي جامعة عين شمس، أن الحب الحقيقي الذي يستمر لسنوات هو الذي يجمع بين مشاعر الرغبة واللهفة مع الإحساس بالأمان والراحة في آن واحد.
الباحثون أيضاً أن المحبين تقل لديهم مستويات الهرمونات الخاصة بالهدوء والاتزان النفسي، وقد يحدث ما يقرب من التشابه الهرمونى، حيث أن ا
لرجال يصبحون أكثر شبها بالنساء عند المرور بحالة الحب وكذلك النساء يصبحن أكثر شبها بالرجال عند مرورهن بالحالة نفسها.
من الطبيعي أن المرأة هي أكثر الكائنات تأثراً بمشاعر الحب والغرام، حيث أوضحت دراسة حديثة أن الحب هو أكثر الأشياء التي يمكن أن تصل بالمرأة إلى قمة السعادة، بينما يمثل الانتقال إلى مقر العمل أدنى مستوى لسعادة المرأة.
الحب الحقيقي لا يتضاءل مع مرور الزمن وقد اكتشف علماء أمريكيون أن الحب الحقيقي الذي يدوم إلى الأبد ولا يتضاءل مع مرور الزمن موجود بالفعل.
وأكدت نتائج دراسة أجراها علماء في جامعة “ستوني بروك” في مدينة نيويورك الأمريكية وشملت أزواجاً بعضهم تزوج حديثاً والبعض الآخر متزوج منذ حوالي 20 سنة، وقام العلماء بتصوير مقطعي لأدمغة الأزواج، فتبين أن عدداً منهم أبدى بعد 20 سنة على الزواج استجابات عاطفية مماثلة للاستجابات التي يبديها الأزواج حديثي الارتباط.
وأوضحت الدراسة أن الحب يكون في ذروته في بداية العلاقة ويبدآ بالتراجع مع مرور السنين، مؤكدة أن واحداً من أصل 10 أزواج ناضجين يعطي ردود فعل كيمائية مماثلة للمتزوجين حديثاً عند رؤية صورة من يحبه.
وأكد بروك آرثر آرون عالم النفس في جامعة ستوني، أن “النتائج تتعارض مع الاعتقاد السائد أنه لا وجود للحب الحقيقي الدائم، ولكننا على يقين أن هذا النوع من الحب موجود فعلاً”.
وخلصت الدراسة أن بعض الأزواج عبروا عن حبهم الشديد لشريكهم على الرغم من مرور 21 سنة على زواجهم، فظن أنها خدعة، لكن “المسح المقطعي لأدمغتهم أظهر أن الأمر حقيقة بالفعل وأنهم لا يتظاهرون بالحب”.
وكانت دراسات سابقة قد ذكرت أن
الحب الأبدي لا وجود له، وأن الحب بين الأزواج يبدأ بالتضاؤل بعد مدة تتراوح بين 12 و15 شهراً، ويأخذ بالتلاشي أكثر بعد سنتين أو 3 سنوات إلى أن يختفي تقريباً بعد 7 سنوات.
ما السبب وراء تردد الرجل في الزواج ؟ يتردد الرجل كثيراً قبل الزواج وذلك نظراً لظروفه المالية أو لأنه لم يجد شريكة حياته، ولكن الأمر لم يعد هكذا، فقد وجد باحثون أن سبب تردد الرجل فى الزواج يرجع إلى خلل جينى يصيب هرمون الارتباط، مؤكدين أن الرجال الذين يرثون متبدلاً جينياً يؤثر على هرمون الارتباط معرضون لمواجهة مشاكل زوجية عديدة كما أن احتمالات زواجهم أقل بكثير من غيرهم.
وتبين أن الرجال الذين يملكون الصيغة 334 من الجين “AVPR1A” حصلوا على نقاط منخفضة من زوجاتهم أو شريكاتهم فيما يتعلق بمتانة العلاقة، وكان احتمال زواجهم منخفضاً، أما إذا كانوا متزوجين، فقد تبين أنهم يعانون مشاكل زوجية كثيرة.
وأظهر البحث أن فرص تعرض زواج لأزمة كبيرة خلال السنة الماضية تضاعفت لدى الرجال الذين تبين أن لديهم نسختان من الصيغة 334، واستنتج الباحثون أن هذا الجين الذى يحمله 40% من الرجال، يؤثر على طريقة استخدام الدماغ لمادة الـ”فازوبريسين”، مع العلم أن هذا الجين مرتبط أيضاً بمرض التوحد الذى يتميز بوجود مشاكل فى التفاعل الاجتماعي.
يذكر أن النساء المتزوجات من رجال يحملون نسخة واحدة أو أكثر من الجين أقل اكتفاء بعلاقاتهن من النساء المتزوجات برجال ليس لديهم هذا الجين.