قصه نوح عليه السلام ـ اقتباس : الناصحه لله
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته : بسم الله الرحمن الرحيم: ومرت الأيام والسنوات سريعا ونسي أولاد ادم وصيه أبيهم إليهم إلا عدد قليل منهم. وكان كل زمان لا يخلو من رجل صالح ،
يحبه الناس لأنه يهديهم إلى الله وكان الرجل الصالح إذا مات صنعوا له تمثالا حتى يتذكروا سيرته وتاريخه .ومن هؤلاء الصالحين خمسه رجال وهم ( ود , وسواع ويغوث ويعوق ونسرا ) ولما مات هؤلاء الرجال صنع الناس لهم تماثيل ومرت السنون طويلة سريعة حتى مضى على موت ادم عليه السلام عشر قرون أي ألف سنه كاملة . ونسي الناس وصيه ادم ولم يعبدوا الله وهنا وجدها إبليس فرصه ليحقق ما تمناه وهو أن يضل ذريه ادم الذي كان يكرهه وتسبب في خروجه من رحمه الله. لقد دفنت هذه التماثيل الخمسة تحت التراب فماذا يفعل إبليس ؟ لبس ملابس البشر ثم قال للناس : ماذا تعبدون ؟ قالوا : لا نعبد أحدا. قال : فهل أدلكم على ألهه آبائكم التي كانوا يعبدونها ؟ قالوا : نعم . ثم دلهم على مكان التماثيل الخمسة وصدقه الناس ونسوا أنها لا تسمع ولا تتكلم وإنما هي مجرد حجارة صغيره صنعوها بأيديهم . ولم يكن هناك إلا رجل واحد هو الذي جلس حزينا فهو لم ينس يوما إن الشيطان عدو له ولبني ادم .كان هذا الرجل هو نوح بن لامك الذي كان مؤمنا بالله وراح ينظر بعينه إلى تلك الأصنام والتماثيل التي يعبدها قومه من دون الله وفكر في هذا الكون العجيب من حوله فوجد أن هذا الكون لا بد له من اله عظيم . وتذكر وصيه أبيه وجده له ( لا تعبد إلا الله ) وتذكر أيضا أن إبليس عدو لك ولم يكن احد مؤمن في ذلك الوقت على الأرض إلا نوح . وبينما نوح في بيته يتأمل في عظمه الله تعالى . إذ به تأخذه غفلة من نوم ثم يقوم من نومه مسرورا فرحا وهو يحس بنور كأنه الشمس يشرق في وجهه لقد أوحى الله إليه انه رسول الله إلى قومه يدعوهم إلى توحيد الله وعبادته وترك عباده الأصنام التي لا تنفع ولا تضر. لقد فرح نوح ولكنه في نفس الوقت يعلم صعوبة هذه المهمة فقومه كفار وقلوبهم قاسيه ولكنه علم أن الله سينصره وان الله تعالى لا يضيع من يعبده . وبدأت المهمة الصعبة ذهب إلى قومه في كل مكان يجلس فيه الناس فقال لهم : إني لكم نذير مبين إلا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم اليم. قال قومه : ما نراك إلا بشر مثلنا فكيف يبعث الله إنسانا إلينا لو بعث الله رسولا لبعثه ملكا من الملائكة وما نراك إلا من الكاذبين . ولكن نوحا لم ييأس فراح يدعو قومه ليلا ونهارا فأطاعه بعض الفقراء والضعفاء لأنهم وجدوا أن الله لا يفرق ما بين الغني والفقير. فقال الكفار : ما نراك اتبعك إلا الضعفاء منا وما نظنكم إلا من الكاذبين . قال نوح : لست كاذبا ولكني رسول من رب العالمين قالوا : بل أنت سفيه مجنون تريد أن تتفضل علينا وان لم تنته لنرجمك . قال نوح : لست ملكا ولا مجنون ولا بي سفاهة أو ضلاله إنما اربد لكم النجاة من عذاب الله. لقد نسي قوم نوح أن الرسالة للبشر جميعا وان الله لا يفرق ما بين الغني والفقير والقوي والضعيف بل الحق يجب أن يتبعه الناس جميعا . وأراد نوح ان يعرف قومه ان الخير دائما في عباده الله وهو الذي يرزقهم . فقال لهم : استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم انهارا ولكنهم كان إذا جاء نوح إليهم يدعوهم إلى الله وضعوا أصابعهم في أذانهم حتى لا يسمعوه ووضعوا ثيابهم على أعينهم حتى لا بروا نوحا . فلم ييأس وواصل الدعوة إلى الله وقال لهم: الم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم ويخرجكم أخراجا والله جعل لكم الأرض بساطا لتسلكوا منها سبلا فجاجا ولكنهم قالوا لا نذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا . وكان الرجل إذا أحس بقرب وفاته وصى ولده فقال : احترس من هذا الرجل حتى لا يضلك . حتى جار رجل وهو يتوكأ على عصاه وقال : يا بني إياك وهذا الرجل فقال : يا أبت أنزلني على الأرض فأنزله قال ناولني عصاك فناوله ثم ضرب نوحا عليه السلام حتى سال الدم من رأسه فقال نوح : انظر يا رب ماذا فعل عبادك بي؟ يا رب اهدهم وصبرني إلى أن تحكم وآنت خير الحاكمين . وظل نوح يدعو إلى الله مئات السنين فالناس في بداية العالم كانت أعمارهم طويلة وأجسادهم كبيرة ومر قرن وراء قرن ونوح على هذه الحال يجري وراءه الأطفال فيقولون ( المجنون) . ولم يؤمن معه إلا ثلاثة عشر رجلا وزوجته وأبناؤه الاربعه ومرت السنين ولم تصبر زوجته فراحت تؤنبه وتلومه هي الأخرى وتقول : اما كفاك يا نوح هذا الزمن الطويل في الهراء والوهم؟؟ ولم يجد نوح إلا باب السماء ليدعو الله تعالى فقال ) ربي اني مغلوب فانتصر) ضاقت عليه الأرض في الشارع يؤذيه قومه في البيت زوجته تؤذيه ولا باب إلا باب السماء . فدعا ربه فأوحى الله تعالى إليه: انه لن يؤمن من قومك إلا من قد امن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون. فقال نوح : رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا انك أن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا . ثم أوحى الله إلى نوح بأن يصنع سفينة فلم يكن يعرف نوح ان يصنع سفينة فأوحى الله له :اصنعها مثل صدر الطائر وزرع نوح الشجر وانتظر حتى كبر ثم قطعه وصنع السفينة في الصحراء فكان قومه يسخرون منه وأولاده ويقولون له : ابلغ بك الجنون ان تصنع سفينة في صحراء لا ماء فيها فكان نوح يقول لهم: إن تسخروا منا فاءنا سنسخر منكم حين يأذن الله. وتم صنع السفينة فكانت عظيمة وطلاها نوح بالقار من الداخل والخارج وصنعها على ثلاثة طوابق . طابق في الأسفل للوحوش وفي الوسط الدواب والطيور وفي الأعلى نوح والمؤمنون وظلت السفينة أربعين سنه على الرمال فكان الكفار قد اتخذوها مكانا يتبولون فيه ويتبرزون ولما اقترب موعد خروج السفينة أرسل الله على قوم نوح مرضا هو : الجرب فكان الواحد منهم يكاد يمزق جلده حتى يسيل الدم من جلده . وذهب احدهم يتبرز عند السفينة فعبثت يده بالبراز الجاف الذي تحول مع الوقت إلى ماده كبريتية فسالت القطعة في يده فحك بها جلده فزال الالتهاب فاكتشفوا علاج الجرب فذهبوا جميعا بسرعة إلى السفينة فغسلوها ونظفوها بالماء ليستحموا به فنظفوا ما قد أفسدوه من قبل .وأوحى الله إلى نوح العذاب أن يخرج الماء من النار وبينما زوجة نوح أمام التنور فخرج الماء من التنور سريعا مندفعا إلى صدرها وتفجرت الأرض فصارت عيونا وفتحت السماء أبوابها فالتقى ماء الأرض وماء السماء وأمر الله نوحا ان يحمل معه من كل حيوان وطير وزواحف ووحوش وبذور وزوجين اثنين أي ذكرا وأنثى وان يأخذ المؤمنين . وجمع نوح زوجين من كل المخلوقات فأدخلها السفينة . ودخل المؤمنون إلا زوجة نوح التي كفرت بعد إيمانها . وأغلق نوح باب السفينة وتعلق الشيطان بذيل الحمار ودخل السفينة وداخل السفينة كان ألفة ومودة فلا القط يأكل الفأر ولا الذئب يفترس الغنم ونزل المطر منهمرا على الجميع وتفجرت عيون الأرض ولمح نوح بعينه ولده ( كنعان) الذي كانت أمه تدلله وكان يحب الكفر . فناداه نوح بعطف الأبوة وقال : يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين . وناداه كثيرا . ولكن الولد لم يهتد. وقال : سأصعد إلى جبل عال يعصمني من الماء. قال نوح : لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم. وصعد الولد على الجبل ولكن الطوفان أعلى منه ومن الجبل وابتلع الماء الولد والجبل . وسارت السفينة باسم الله مجريها ومرساها تجري في أمواج عالية وكأنها الجبال وغرقت الأرض كلها بالماء من امن مع نوح فقط ومشت السفينة ونادى نوح ربه فقال : رب ان ابني من أهلي وان وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين . فقال الله : يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح . فاستغفر نوح ربه واعتذر إليه وبعد تسعمائة وخمسين عاما من الدعوة إلى الله هلك الكفار ونجا المؤمنون وأوحى الله إلى الأرض أن تبلع الماء والسماء وان تكف المطر وبعد أربعين يوما فتح نوح السفينة بعد أن رست على جبل يسمى ( الجودي) وبعث الحمامة فعادت في عنقها غصن أخضر وفي رجليها طين فعلم أن الأرض قد ابتلعت الماء وقال تعالى لنوح : اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك . وخرجت الحيوانات جميعا لتعود الأرض مؤمنه مره أخرى وتعود الحياة إلى طبيعتها فراحوا يبنون المدن ويزرعون الأرض ويعبدون الله ومات نوح عليه السلام بعد أن عاش ألف سنة إلا خمسين عاما في صبر وجها طويل ولكن ... هل سيسكت إبليس وهو يرى المؤمنين يزدادون ؟ ترى ماذا سيفعل ؟
م
ن
ق
و
ل